ركن الفكر
على الرغم من الخدمات الكبيرة التي قدّمتها وما زالت تُقدّمها سلطة رام الله بقيادة محمود عبّاس، للاحتلال الإسرائيليّ وعلى رأسها التنسيق الأمنيّ واعتقال المقاومين الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، إلّا أنّ حكومة بنيامين نتنياهو، التي تُعتبر بعيون الإسرائيليين أنفسهم بأنّها الأكثر تطرفًا وعنصريّةً منذ إقامة الدولة العبريّة في العام 1948، تسعى وبخطىً حثيثةٍ إلى البحث عن بدائل لسلطة رام الله المنهارة اقتصاديًا وماليًا وإداريًا، وتعمل على تقديم الاقتراحات للقضاء نهائيًا على القضية الفلسطينيّة، ومنع أيّ حلٍّ من شأنه أنْ يؤدّي لإقامة كيانٍ فلسطينيٍّ “مستقلٍّ” في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
وفي هذا السياق وَجَبَ التأكيد أنّ نتنياهو وأعضاء حكومته العنصريّة يرفضون رفضًا مطلقًا السماح لسلطة عبّاس بإداء دورٍ فيما بات يُسّمى باليوم التالي في قطاع غزّة، بعد أنْ تمّ الكشف عن أنّ الاحتلال يسعى لإدامة احتلال شمال قطاع غزّة بشكلٍ دائمٍ وإقامة المستوطنات اليهوديّة هناك، ويرى الخبراء في تل أبيب أنّ الحكومة الإسرائيليّة تنتظر بفارغ الصبر عودة الرئيس الأمريكيّ المُنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كي تُخرِج خططها الشيطانيّة إلى حيِّز التنفيذ
يشار إلى أنّه جاء في (خطة الجنرالات)، التي نشرت بداية الشهر الماضي، أنّ عمليات الجيش الإسرائيليّ الحالية في قطاع غزة ليست مفيدةً، والخطة مؤلفة من مرحلتيْن، يتّم خلالها تهجير السكان المتبقين في شمال قطاع غزة والإعلان عنه “منطقة عسكرية مغلقة”، وتنفيذ الخطة لاحقًا في أنحاء القطاع
ووُضعت هذه الخطة بمبادرة رئيس شعبة العمليات الأسبق، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، الذي يوصف في إسرائيل بأنه “منظّر” الحرب على غزة، وهو أحد الجنرالات الذين يتشاور معهم نتنياهو خلال الحرب على غزة
وتعتبر الخطة أنّه “طالما أنّ حماس تسيطر على المساعدات الإنسانية، ليس بالإمكان هزمها”، وتقضي بتحويل المنطقة الواقعة شمال محور (نيتساريم)، الذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله، إلى “منطقةٍ عسكريّةٍ مغلقةٍ”، وإرغام 300 ألف فلسطيني يتواجدون حاليًا في شمال القطاع، حسب التقديرات، على النزوح خلال أسبوعٍ واحدٍ
وبعد ذلك يفرض الجيش الإسرائيليّ على شمال القطاع حصارًا عسكريًا كاملاً، بادعاء أنّ حصارًا كهذا سيجعل الخيار أمام المقاتلين الفلسطينيين “إمّا الاستسلام أو الموت”، حسب الخطة
ويزعم واضعو الخطة أنّها “تستوفي قواعد القانون الدولي، لأنّه يُسمَح للسكان بالنزوح من منطقة القتال قبل فرض الحصار”
على صلةٍ بما سلف، كشفت صحيفة إسرائيليّة عن خطة للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، في عهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والتي تشمل بناء مستوطنات جديدة، وإقامة بنى تحتية متطورة تمهيدا للسيطرة الكاملة
وقالت (إسرائيل اليوم)، إنّ الخطة الجديدة تشمل بناء أربع مستوطنات وتجمعات جديدة، وبنى تحتية للمواصلات والطاقة، إضافة إلى مشاريع أخرى على مدار 4 سنوات من حكم ترامب، بما يشمل تحويل مستوطنات في أماكن استراتيجيّة إلى مدن بقراراتٍ حكوميّةٍ ممولةٍ، مثل مستوطنات: معاليه أفرايم، نحليئيل، عاليه، كريات أربع وإفرات
وكشفت الصحيفة أنّ عشرة نشطاء، وشخصيات عامة ورؤساء الاستيطان من اليمين المتطرف، بينهم وزير المالية، بتسلائيل سموتريتش التقوا الأسبوع الماضي في فندق (رمادا) في القدس في إطار مؤتمرٍ استثنائيٍّ، عملوا خلاله على وضع خطة عملية للاستيطان
وتابعت الصحيفة قائلةً، نقلاً عن مصادرها، إنّ ما نتج عنه الاجتماع خطة عملية وليست نظرية للتوسع الاستيطانيّ، على قاعدة ما أسماه المجتمعون (نافذة الفرص)، وبما يشمل تحويل الضفة والأغوار إلى جزءٍ لا يتجزأ من إسرائيل
ولفتت إلى أنّ أحد المقترحات التي طرحت كان يشير إلى إمكانية إلغاء التعامل مع السلطة الفلسطينيّة، وإنهاء الاعتراف بها، والعودة بالأوضاع في الضفة الغربية إلى ما قبل اتفاق أوسلو، مؤكّدين أنّ الأراضي الفلسطينيّة في الضفة ستُصنّف لاحقًا أراضي مستوطنات في إطار توسيع الولاية للمجالس الإقليمية للمستوطنات
وكبديل للسلطة الفلسطينية، اقترح المجتمعون إقامة “سلطات بلديات عربية”، ما يجعل إسرائيل بمفاهيم معينة حكمًا فيدراليًا
إضافة الى ذلك، تسعى الخطة إلى الدفع قدمًا بالسيطرة على القرى الفلسطينية في المناطق (ج) والتي توجد نظريًا تحت سيطرةٍ إسرائيليّةٍ كاملةٍ، أمّا عمليًا فهي تخضع لسيطرةٍ مدنيّةٍ فلسطينيّة
وشدّدّت الصحيفة على أنّ رؤساء المستوطنات اقترحوا أيضًا سحب إدارة السلطة الفلسطينيّة من قرى وبلدات مناطق (ج)، والعمل على خططٍ لبناء مدنٍ فيها وخلق إمكانيات تشغيلية للسكان بحيث يبقون في (أراضي إسرائيل)، على أنْ يجري العمل على شطب “حل الدولتين إلى الأبد، بحسب توجّهٍ واضحٍ للمستوى السياسيّ”، كما اقترحوا جعل الضفة والأغوار “إمبراطورية طاقة وصناعات، ما يجعل المنطقة جزءًا من إسرائيل بكل المعاني”
ولهذا، اختتمت الصحيفة تقريرها، يعتقد هؤلاء أنّ هناك حاجة لإقامة بنيةٍ تحتيّةٍ شاملةٍ من المواصلات، وإقامة بنيةٍ تحتيةٍ للقطارات في المنطقة